قال له شرطي: «إذا مت سنمشي في جنازتك؟»
يوسف... كاد يموت وسط طابور الشاحنات
الوسط - محرر الشئون المحلية
بدا المواطن يوسف الذي يعمل سائق شاحنة ثقيلة في العقد الرابع من عمره، وهو من أهالي قرية الدراز ويعيش في قرية بني جمرة، مطمئناً إلى التجاوب والإجراءات التي اتخذت ضد أحد رجال الشرطة العاملين في مركز شرطة جسر الملك فهد، عندما وصلت معاناته وقضيته إلى الرتب الأعلى، فوجد الآذان الصاغية والترحيب والاعتذار من رجال الشرطة على ما فعله «أحدهم»، وأبلغوه أن الإجراءات ضد الشرطي تسير حسبما هو مطبق قانوناً وله الحق في أن يطمئن على سير الإجراءات.
لكن ما هي القصة، وماذا حدث بالضبط؟
كاد يوسف أن يموت وسط طابور طويل من الشاحنات... وإذا كان هو وغيره العشرات من السواق يموتون يومياً بسبب أزمة الشاحنات عبر الجسر، لكن ما حدث مساء يوم 22 يونيو/ حزيران الماضي بالنسبة إليه، يكاد يكون الأشد، وكذلك الحال بالنسبة لزملائه من السواق.
في مساء ذلك اليوم، ارتفعت درجة حرارة يوسف وبدأ يشعر بصعوبة في التنفس... لم يتمكن من البقاء في الطابور الطويل الذي لازمه منذ الصباح الباكر حتى الساعة السادسة مساءً، وهو الموعد الذي سيغلق فيه منفذ عبور الشاحنات بالجمارك السعودية.
يروي يوسف قضيته بنفسه: «كان هناك من رجال الشرطة من يبلغنا بأن الإجراءات ستسير بعد قليل وسيتم ختم الجوازات... فقلت لابد أن أتحمل قليلاً حتى أعبر الجسر وأتخلص من هذا العناء، لكن طاقة تحملي ضعفت وضعفت حتى لم أجد في نفسي المقدرة على التحمل أكثر... اتصلت بقسم الإسعاف بطوارئ مجمع السلمانية الطبي طالباً النجدة، لكنهم أبلغوني أنهم لا يذهبون إلى جسر الملك فهد إلا في حالة اتصال مركز الشرطة لطلب سيارة الإسعاف فهذا هو الإجراء المتبع، وبالفعل، طلبت رقم مركز الشرطة، وتحدثت مع الشرطي (ر) الذي زاد من سوء حالتي حينما تحدثت معه طالباً سيارة إسعاف لشدة وضعي الصحي تدهوراً فكان رده: «إذا كنت مريضاً فلماذا تسافر؟»... كان الجو حاراً ورطباً للغاية، ولست في الواقع أقوى على الأخذ والرد، فهذا الرجل، حتى وإن لم يكن يدرك، كان عليه أن يفهم أنه لولا الالتزامات والمسئوليات ورزق الأطفال، لما كان لزاماً أن يعمل المرء منا وهو في أشد حالة مرضه».
ويضيف يوسف متأثراً مما حدث «نسيت أن أبلغكم بأنني مصاب بمرض اللوكيميا... أي أنني مريض بسرطان الدم!»، والأصعب هو أنني عندما أبلغت الشرطي (ر) بأنني قد أموت إذا لم يستدعِ سيارة الإسعاف، رد علي بقوله: «إذا مت، سنمشي في جنازتك؟!»... رددت عليه بالقول: «خل عندك إنسانية»... لكن لا أتذكر ماذا حدث حينها لأنني وقعت مغشياً عليّ فاجتمع عدد من زملائي السواق حولي واستدعوا الشرطة، وبادر رجال الشرطة بالاتصال بالإسعاف حيث تم نقلي إلى المستشفى لتلقي العلاج.
وفي الحقيقة، أنا في غاية القهر والضيق والغبن مما حدث، ولابد من أن يلقى ذلك الشرطي جزاءه بل ويبعد عن هذا العمل لأنه لا يصلح، وقد وصل الأمر إلى المسئولين حين تحدث معي الملازم (م.ب)، وكان رجلاً خلوقاً وطيباً وأبلغني أنهم أطلعوا على حقيقة الواقعة، وأن هناك من شهد بما سمعه من محادثة، وأن الإجراءات ضد الشرطي ستتخذ، وهذا ما أكده لـ «الوسط» أيضاً مصدر بشرطة جسر الملك فهد، حيث تم التأكيد أن هناك إجراءات قاسية ضد الشرطي (ر) ستتخذ لأن ما فعله كاد يودي بحياة إنسان يكد على عياله، في حين كان هو يسخر ويستهزئ في ظرف لا يقبل هذا العمل.
واختتم يوسف: «إنه بعد يومين من الحادثة، وبعد استقرار حالتي الصحية، زرت مركز الشرطة وكتبت إفادتي كاملة، فطيبوا خاطري وأكدوا لي أن ما حدث لا يمكن السكوت عنه، وأن المذنب سيلقى عقابه دون شك، وأنا أتوجه بالشكر للمسئولين بمركز شرطة الجسر الذين أشعروني بإنسانيتي التي كادت تتحطم بسبب ذلك الشخص سامحه الله».